الهكسوس ثم الانتصار: من الانقسام إلى عصر الإمبراطورية (الأسر 13–20)

✍️ بقلم: ليلى سعيد

الهكسوس في مصر وطردهم: من ضعف الدولة الوسطى إلى عصر الدولة الحديثة والأسر 13-20

انتهى العصر الذهبي للدولة الوسطى في مصر (حوالي 2055-1650 ق.م) بفترة من الضعف والانقسام السياسي والاقتصادي. شهدت مصر في نهايات الأسرة الثانية عشرة بداية انحسار السيطرة المركزية، وانتشار النزاعات الداخلية، مما أدى إلى بداية عصر العصور الوسطى الثانية أو ما يعرف بعصر الانقسام الثاني. في هذا السياق دخلت مجموعات الهكسوس، الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من دلتا النيل، مؤثرين بشكل كبير على تاريخ مصر، قبل أن تبدأ مرحلة جديدة من المقاومة والاسترداد برئاسة أحمس الأول. هذه المرحلة ستؤسس لما يعرف بالعصر الإمبراطوري أو الدولة الحديثة (حوالي 1550-1070 ق.م)، الذي يمثل أوج القوة السياسية والعسكرية والثقافية لمصر القديمة.

ضعف الدولة الوسطى ودخول الهكسوس (الأسر 13–17)

بعد الأسرة الثانية عشرة، بدأت مصر تعاني من ضعف في النظام السياسي، مع انتشار النزاعات الداخلية بين النبلاء والحكام المحليين. هذا الضعف خلق فرصة لمجموعات أجنبية تسمى "الهكسوس" (Hykos)، وهي شعوب ذات أصول آسيوية (غالباً من بلاد الشام) دخلت دلتا النيل واستولت على أجزاء واسعة من مصر الشمالية، مؤسسين حكمهم في الأسرة الخامسة عشر، والمعروفة بفترة الاحتلال الهكسوسي (حوالي 1650-1550 ق.م).

الهكسوس جلبوا معهم تقنيات عسكرية متطورة مثل العربات الحربية والأسلحة النارية التي كانت جديدة على المصريين، مما ساعدهم في ترسيخ سيطرتهم. وكانت عاصمتهم "أواخيت" أو "أفاريس" في دلتا النيل.

بينما كانت الأسرة السابعة عشر تحكم من طيبة (جنوب مصر)، بدأت مقاومة حقيقية ضد الهكسوس. خلال هذه الفترة، كانت مصر مقسمة بين الشمال تحت حكم الهكسوس والجنوب تحت حكم المصريين.

طرد الهكسوس وبداية الدولة الحديثة (على يد أحمس الأول)

أحمس الأول، ملك من الأسرة السابعة عشر، قاد حملة عسكرية منظمة لاستعادة مصر من الاحتلال الهكسوسي. استطاع أحمس توحيد مصر مرة أخرى وطرد الهكسوس بالكامل، ليعلن بداية الدولة الحديثة (حوالي 1550 ق.م).

شهد عهده بداية نهضة كبيرة في مجالات السياسة والعسكرية والاقتصاد، حيث أسس نظام حكم قوي استند على جيش متطور وإدارة مركزية متماسكة. كما شيد أحمس الأول معبد "الكبش" في الكرنك، دليلاً على استعادة السيادة الوطنية والدينية.

أقوى ملوك مصر في الدولة الحديثة

تحتمس الثالث: نابليون مصر القديمة

يعد تحتمس الثالث (حوالي 1479-1425 ق.م) واحدًا من أعظم الفراعنة العسكريين في تاريخ مصر. خاض أكثر من 17 حملة عسكرية خارج حدود مصر، خاصة في بلاد الشام وفلسطين وسوريا، ليحول مصر إلى إمبراطورية عظمى. لقب بـ"نابليون مصر القديمة" بسبب عبقريته في التخطيط الحربي.

تميز عهده ببناء المعابد الضخمة والتوسعات العمرانية، كما أعاد تأكيد سلطة مصر على الأراضي التي فقدت أثناء فترة الاحتلال الهكسوسي.

حتشبسوت: أول ملكة عظيمة

حتشبسوت (حوالي 1479-1458 ق.م)، زوجة تحتمس الثاني وابنة الملك تحتمس الأول، تُعد واحدة من أشهر الملكات في التاريخ المصري. حكمت كمملكة وكملك بعد وفاة زوجها، وأظهرت مهارات استثنائية في السياسة والدبلوماسية.

قامت بعدة رحلات تجارية ناجحة، أشهرها رحلة إلى بلاد بونت (الصومال حالياً)، حيث استوردت موارد غنية مثل اللبان والعطور والأخشاب النادرة. كما شيدت معبدها الفريد في الدير البحري على الضفة الغربية للأقصر، وهو تحفة معمارية فريدة.

أمنحتب الثالث وإخناتون: الثورة الدينية

أمنحتب الثالث (حوالي 1390-1352 ق.م) تميز عصره بالرخاء الثقافي والاقتصادي، حيث ازدهرت الفنون والعمارة، وتم تعزيز التحالفات الدبلوماسية مع دول أخرى. بنى معابد ضخمة مثل معبد الأقصر وكرنك.

ابنه إخناتون (حوالي 1353-1336 ق.م) اشتهر بثورته الدينية الجذرية، إذ حاول تحويل مصر إلى ديانة توحيدية تركز على عبادة الإله آتون، وهو قرص الشمس. نقل العاصمة إلى "أخيتاتون" (تل العمارنة حالياً)، ورفض العبادة التقليدية للإله آمون. الثورة الدينية لإخناتون أدت إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، ولكنها تركت أثراً ثقافياً هاماً.

توت عنخ آمون وحورمحب

توت عنخ آمون (حوالي 1332-1323 ق.م) هو الملك الشاب الذي أعاد عبادة الآلهة التقليدية بعد وفاة إخناتون، وعاد بالعاصمة إلى طيبة. شهرته عالمياً ترجع إلى اكتشاف مقبرته المدفونة بحالة جيدة في وادي الملوك عام 1922، والتي كانت مليئة بالكنوز.

حورمحب (حوالي 1320-1292 ق.م) كان آخر ملوك الأسرة الثامنة عشر، عسكري بارع ومؤسس لحقبة استقرار بعد فترة الاضطرابات الدينية.

الأسرة 19: رمسيس الثاني ومعركة قادش

في الأسرة التاسعة عشر (حوالي 1292-1189 ق.م)، برز رمسيس الثاني، المعروف بـ"رمسيس العظيم"، كأحد أعظم الفراعنة المصريين. حكم لأكثر من 60 سنة، وأشهر معاركه كانت معركة قادش ضد الحيثيين.

معركة قادش (حوالي 1274 ق.م) تعتبر واحدة من أكبر المعارك في التاريخ القديم. انتهت بتعادل بين الطرفين ووقع بعدها أول معاهدة سلام مسجلة تاريخياً بين مصر والحيثيين. استخدم رمسيس الثاني هذه المعركة لتعزيز صورته كملك محارب ومؤسس، وأقام معابد ضخمة مثل أبو سمبل.

الأسرة 20: رمسيس الثالث ونهاية الدولة الحديثة

الأسرة العشرون (حوالي 1189-1077 ق.م) شهدت حكم رمسيس الثالث، الذي حاول الحفاظ على قوة مصر ومواجهة التهديدات الخارجية مثل شعوب البحر (Sea Peoples).

رغم نجاحاته العسكرية، فإن نهاية الدولة الحديثة تميزت بتدهور داخلي واضطرابات اقتصادية واجتماعية، وأدت في النهاية إلى ضعف الدولة وتفككها. شهدت مصر بداية فترة العصور المتأخرة مع بداية الأسرة الحادية والعشرين.

جدول زمني مبسط

الفترة الزمنية الحدث الرئيسي
1650-1550 ق.م احتلال الهكسوس لمصر
حوالي 1550 ق.م طرد الهكسوس وبدايه الدوله الحديثه
1479-1425 ق.م عهد تحتمس الثالث
1479-1458 ق.م حكم الملكة حتشبسوت
1390-1352 ق.م عهد أمنحتب الثالث
1353-1336 ق.م الثورة الدينية لإخناتون
1332-1323 ق.م حكم توت عنخ أمون
1292-1189 ق.م الاسرة 19عهد رمسيس الثانى ومعركه قادش
1189-1077 ق.م الاسرة 20 عهد رمسيس الثالث ونهاية الدولة الحديثه
الهكسوس في مصر
الدولة الحديثة في مصر القديمة
تحتمس الثالث
حتشبسوت
إخناتون
ثورة دينية في مصر القديمة
معركة قادش
رمسيس الثاني
رمسيس الثالث
الأسر المصرية
تاريخ مصر القديم
طرد الهكسوس
إمبراطورية مصر
الدولة الوسطى
وادي الملوك
توت عنخ آمون
📌 التصنيفات:

🕰️ تاريخ | 👤 شخصيات تاريخية | 🧩 أسرار التاريخ | 🧠 نظريات مؤامرة
🌀 أحداث غامضة | 🏺 مصر القديمة | 🌍 أوروبا | ⚔️ الحروب
🎭 ثقافات | 🧙‍♂️ غرائب التاريخ | 🧭 حضارات منسية
📚 قصص حقيقية | 🌌 عالم غريب | 🏛️ أغرب قصص التاريخ | 🌟 عجائب

🌊 بحر الحكاية

📬 تواصل معنا | Contact Us

نرحّب بتفاعلكم واقتراحاتكم دائمًا. يمكنكم التواصل معنا من خلال صفحة اتصل بنا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنا.

We always welcome your feedback and suggestions. Feel free to reach out via our Contact Us page or through our social media.

📤 شارك المقال مع أصدقائك:

WhatsApp Twitter Telegram
📌 تم النشر بواسطة بحر الحكاية – نروي لكم أعجب الحكايات من التاريخ والثقافات.

✍️ بقلم: ليلى سعيد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل نامت قرية كاملة 100 سنة؟ القصة الحقيقية التي أذهلت العالم!

كليوباترا لم تكن مصرية؟ اكتشف السر وراء أكبر خرافة تاريخية

البحيرة القاتلة : سر تحول الحيوانات إلى تماثيل حجرية